الحديث الثاني: صحة إسلام الصبي(3)
أدلة أصحاب هذا القول :
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة على ما ذهبوا إليه ، منها :
أن المتأمل في نصوص الشرع يجد أن اعتبار أقوال الصبي أكثر من إهمالها إلا ما كان فيه ضرر عليه ، كالإقرار بالحدود والحقوق ونحوها ، ولهذا أمر الله عز وجل بابتلاء اليتامى فقال : (وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) [ سورة النساء / 6 ]، وابتلاؤهم يكون باختبارهم في عقودهم ومعاملاتهم ، ولو لم تصح منهم لم يؤمروا بها(1).
أن العبادات كالصوم ، والحج ، والذكر ، وقراءة القرآن تصح منه ، ويشهد لهذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لقي ركبا بالروحاء فقال : ( من القوم ؟ ) قالوا : المسلمون . فقالوا : من أنت ؟ قال ( رسول الله ) فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت : ألهذا حج ؟ قال ( نعم ، ولك أجر ) (2)
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض الإسلام على الصغار كما كان يعرضه على الكبار ، من ذلك ما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال : ( كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده ، فقعد عند رأسه فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم ، فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار )(3) .
قال ابن حجر:"فيه عرض الإسلام على الصبي ولولا صحته منه ما عرضه عليه" وفي قوله :" أنقذه بي من النار " دلالة على صحة إسلامه "(4) .
إجماع الصحابة على قبول إسلام الصبي ( 5) .
أن الله جل ذكره دعا عباده إلى الجنة ، وجعل طريقها الإسلام لا غيره ، وبين أن مصير الكافر إلى النار ، فكيف يجوز أن يمنع من الإسلام ويسد طريق الجنة عليه ويلزم بطريق أهل الجحيم ويحكم عليه بالنار ؟ هذا من أمحل المحال (6) .
(1) أحكام أهل الذمة ( 2 / 904 ).
(2) أخرجه مسلم ، كتاب الحج ( 1336 ) .
(3) أخرجه البخاري ، كتاب الجنائز ، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه ( 1356 ) .
(4) الفتح ( 2 / 262 ).
(5) أحكام أهل الذمة ( 2 / 905 ) .
(6) أحكام أهل الذمة ( 2 / 905 ) .