الحلقة (67) مسند الإمام أحمد ( 2-5 )
4ــ أقسام أحاديث المسند :
قال العلامة الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي : ( بتتبعي لأحاديث المسند وجدتها تنقسم إلي ستة أقسام :
1 - قسم رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد ــ رحمهما الله ــ عن أبيه سماعا منه ، وهو المسمي بمسند الإمام أحمد ، وهو كبير جدا يزيد علي ثلاثة أرباع الكتاب .
2 - وقسم سمعه عبد الله من أبيه وغيره ، وهو قليل جدا .
3 - وقسم رواه عبد الله عن غير أبيه ، وهو المسمي عند المحدثين بزوائد عبد الله ، وهو كثير بالنسبة للأقسام كلها عدا القسم الأول .
4 - وقسم قرأه عبد الله علي أبيه ولم يسمعه منه وهو قليل .
5 - وقسم لم يقرأه ولم يسمعه ولكنه وجده في كتاب أبيه بخط يده وهو قليل أيضا .
6 - وقسم رواه الحافظ أبو بكر القطيعي عن غير عبد الله وأبيه -رحمهم الله - وهو أقل الجميع(1).
قال : فهذه ستة أقسام تركت الأول والثاني منها بدون رمز ، ورمزت للأقسام الباقية في أول كل حديث منها ، فرمزت للقسم الثالث بحرف ( ز ) إشارة ألي أنه من زوائد عبد الله بن الإمام - رحمهما الله - ، ورمزت للقسم الرابع هكذا ( قر ) إشارة إلي أن عبد الله قرأه علي أبيه ، ورمزت للقسم الخامس برمز ( خط ) إشارة إلي أنه وجده في كتاب أبيه بخط يده ، ورمزت للقسم السادس برمز ( قط ) إشارة إلي أنه من زوائد القطيعي .
قال :وكل هذه الأقسام من المسند إلا الثالث فإنه من زوائد عبد الله ، والسادس فإنه من زوائد القطيعي) (2)
5 - درجة أحاديث المسند : للعلماء في درجة أحاديث المسند أقوال هي :
الأول : ذهب قوم إلى أن جميع ما في المسند صحيح أو مقبول ، فمن ذلك : قال أبو موسى المديني : لم يخرج إلا عمن ثبت عنده صدقه وديانته ، دون من طعن في أمانته .
وأشار في موضع آخر : إلى أن الإمام أحمد في مسنده قد احتاط فيه إسنادا ومتنا ، ولم يورد فيه إلا ما صح عنده (3)
وقال السيوطي في مقدمة الجامع الكبير : وكل ما في المسند أحمد فهو مقبول ، فإن الضعيف الذي فيه يقترب من الحسن.
وقال الصنعاني في سبل السلام : هذا أعظم المسانيد وأحسنها وضعا وانتقاء ، فإنه لا يدخل فيه إلا ما يحتج به
وذهب جماعة من الأئمة إلى أن الإمام أحمد لا يروي إلا عمن هو ثقة عنده
2 - وذهب قوم إلى أن فيه الصحيح والضعيف والواهي ، فقد ذكر ابن الجوزي في كتابه ( الموضوعات ) تسعة وعشرين حديثا منه وحكم عليها بالوضع ، وزاد الحافظ العراقي عليه تسعة أحاديث حكم عليها بالوضع وجمعها في جزء .
3 - وذهب قوم إلى أن فيه الصحيح والحسن والضعيف ، وقد يوجد في الضعيف جدا ، ولكنه قليل .
قال عبد الله بن أحمد : هذا المسند أخرجه أبي من سبعمائة ألف حديث ، وأخرج فيه أحاديث معلولة ، بعضها ذكر عللها ، وسائرها في كتاب ( العلل ) لئلا يخرًّج في الصحيح (4)
وقال ابن تيمية : وليس كل ما رواه أحمد في المسند وغيره يكون حجة عنده ، بل يروي ما رواه أهل العلم ، وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروفين بالكذب عنده ، وإن كان في ذلك ما هو ضعيف .
وقال أيضا : وقد يروي الإمام أحمد وإسحاق وغيرهما أحاديث تكون ضعيفة عندهم ، لاتهام رواتها بسوء الحفظ ونحو ذلك ، ليعتبر بها ويستشهد بها (5).
وقال الذهبي : فيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها ، ولا يجب الاحتجاج بها ، وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة ، ولكنها قطرة في بحر (6).
وقال ابن رجب : والذي يتبين من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين ، والذين كثر خطؤهم للغفلة وسوء الحفظ ، ويحدث عمن دونهم في الضعف ، مثل من في حفظه شيء ، ويختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه (7).
وقال الحافظ ابن حجر : ومسند أحمد ادعى قوم فيه الصحة ، وكذا في شيوخه ... والحق أن أحاديثه غالبها جياد ، والضعاف منها إنما يوردها للمتابعات ، وفيه القليل من الضعاف الغرائب الأفراد ، أخرجها ، ثم صار يضرب عليها شيئا فشيئا ، وبقي منها بعده بقية (8)
وخلاصة ما تقدم أن أحاديث المسند ليست كلها صحيحة ، ولكن يوجد فيها الضعيف ، وقد يوجد الضعيف جدا ، ولكنه نادر ، كما تقدم من أقوال العلماء .
(1) وإنما يدرك التمييز بينها بالنظر في الأسانيد ، فكل حديث يقال في أول سنده : حدثنا عبد الله حدثني أبي فهو من المسند ، وكل حديث يقال في أول سنده : حدثنا عبد الله حدثنا فلان ــ بغير لفظ أبي ــ فهو من زوائد عبد الله ، وكل حديث يقال في أوله : حدثنا فلان ــ غير عبد الله وأبيه ــ فهو من زوائد القطيعي .
(2) الفتح الرباني ( 1 / 21 ، 22 ) .
(3) ــ خصائص المسند ص 16 ، 14 .
(4) ــ فهرسة ابن خير ص 140 .
(5) ــ منهاج السنة النبوية ( 4 / 15 ، 27 ) .
(6) ــ السير ( 11 / 329 ) .
(7) ــ شرح العلل ( 1 / 386 ) .
(8) ــ مقدمة تعجيل المنفعة .