مواطن انحراف الخوارج عن السنة (7-7)
ومن ضلالاتهم : ( أن الحرورية يوجبون على الحائض إذا طهرت قضاء الصلاة ) وهو قول معارض صراحة لحديث عائشة رضي الله عنها : ( أن معاذة بنت عبد الله البدوية سألتها : أتقضي إحدانا الصلاة أيام حيضها ؟ فقالت عائشة : أحرورية أنت ؟ فقد كانت إحدانا تحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لا تؤمر بقضاء الصلاة )(1).
وضلالات فرق الخوارج أكثر من أن تحصى ، وهي فرق ولئن جمع بينها المروق والعقوق لكتاب الله وسنة الرسول ، فإنها فيما بينها متنافرة متناقضة فقد تؤمن الفرقة منهم بخلاف ما تؤمن به الأخرى فأصحاب السؤال من البيهسية (2) ( أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر ) والمعلومية (3) والحمزية (4) ( أتباع حمزة بن أكرك ) من العجاردة والحارثية ( أتباع حارث بن يزيد الأباضي ) أجمعوا على القول بنفي القدر ، وقالوا : إن أفعال العباد غير مخلوقة لله تعالى . وهو عين قول المعتزلة في القدر ، في حين ذهب الثعالبة على القول بالجبر على مذهب الجهمية القائلين بنفي القدرة الحادثة (5).
ومما يلفت النظر هنا هو قول البيهسية ـ التي تتفق مع المعتزلة في مسألة القدر ـ : إن الإيمان هو العلم بالقلب دون القول والعمل (6)، والحال أن العمل عند المعتزلة يعد شرط صحة الإيمان ، فالبيهسية في هذا المضمار تلتقي مع بعض فرق المرجئة . والمعلوم أن أهل السنة يرون أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، حتى أن الإمام البخاري عقد بابا في كتاب الإيمان بجامعه الصحيح ترجم له بقوله : ( باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال ) (7) أورد فيه عددا من الأحاديث الصحيحة التي تؤيد معنى الترجمة .
(1)ـ البخاري ـ الحيض ـ باب لا تقضي الحائض الصلاة ـ عدد الحديث 321 ـ متن فتح الباري 1 / 421ـ أبو داود ـ الطهارة ـ باب في الحائض لا تقضي الصلاة ـ عدد الحديث 262 ـ ( 1 / 68 ) .
(2) الملل الشهر ستاني 1 / 167 .
(3) الفرق بين الفرق 97 .
(4) المصدر السابق 105 .
(5)الملل الشهر ستاني 1 / 133 .
(6)المصدر السابق 1 / 126 .
(7)صحيح البخاري ـ متن فتح الباري 1 / 79 .